فصل: الآيات (26- 27)

مساءً 2 :54
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
28
الأحد
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 قوله تعالى‏:‏ وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون

أخرج ابن ماجه وابن أبي الدنيا في صفة الجنة ةالبزار وابن أبي حاتم وابن حبان وابن أبي داود والبيهقي كلاهما في البعث وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أسامة ابن زيد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ألا هل مشمر للجنة فإن للجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تزهر، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة ومقام في أبد في فاكهة دار سليمة، وفاكهة خضرة وخيرة ونعمة، في محلة عالية بهية قالوا‏:‏ نعم يا رسول الله قال‏:‏ قولوا إن شاء الله قال القوم‏:‏ إن شاء الله‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال‏:‏ قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها‏؟‏ قال ‏"‏لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وحصاؤها الؤلؤ والياقوت، وملاطها المسك، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم لا ييأس، ويخلد لا يموت‏.‏لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه عن ابن عمر قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة كيف هي‏؟‏ قال ‏"‏من يدخل الجنة يحيا لا يموت، وينعم لا ييأس‏.‏لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه‏.‏قيل يا رسول الله كيف بناؤها‏؟‏ قال‏:‏ لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها مسك أذفر، وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران‏"‏‏.‏أخرج البزار والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن حائط الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، ومجامرهم الألوه، وأمشاطهم الذهب، ترابها زعفران، وطيبها مسك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي هريرة قال‏:‏ حائط الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، ودرمها اللؤلؤ والياقوت، ورضاضها اللؤلؤ، وترابها الزعفران‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏أرض الجنة بيضاء، عرصتها صخور الكافور وقد أحاط به المسك مثل كثبان الرمل، فيها أنهار مطردة‏.‏ فيجتمع أهل الجنة أولهم وآخرهم، يتعارفون فيبعث الله عليهم ريح الرحمة، فتهيج عليهم المسك، فيرجع الرجل إلى زوجه وقد ازداد حسنا وطيبا فتقول‏:‏ لقد خرجت من عندي وأنا بك معجبة، وأنا بك الآن أشد إعجابا‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير قال‏:‏ أرض الجنة فضة‏.‏

وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الله أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، ثم شقق فيها الأنهار، وغرس فيها الأشجار، فلما نظرت الملائكة إلى حسنها وزهرتها قالت‏:‏ طوباك منازل الملوك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي سعيد‏.‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله ابن صائد عن تربة الجنة فقال ‏"‏ درمكة بيضاء مسك خالص‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة عن أبي زميل‏.‏ أنه سأل ابن عباس ما أرض الجنة‏؟‏ قال‏:‏ مرمرة بيضاء من فضة كانها مرآة قال‏:‏ ما نورها‏؟‏ قال‏:‏ ما رأيت الساعة التي يكون فيها طلوع الشمس فذلك نورها، إلا أنه ليس فيها شمس، ولا زمهرير قال‏:‏ فما أنهارها أفي أخدود‏؟‏ قال‏:‏ لا ولكنها نقيض على وجه الأرض، لا تفيض ههنا ولا ههنا قال‏:‏ فمن حللها‏؟‏ قال‏:‏ فيها الشجر الثمر كأنه الرمان، فإذا أراد ولي الله منها كسوة انحدرت إليه من أغصانها فانفلقت له من سبعين حلة، ألوانا بعد ألوان ثم لتطبق فترجع كما كانت‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله جنة عدن بيده وذلل فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها فقال لها تكلمي فقالت ‏(‏قد أفلح المؤمنون‏)‏ ‏(‏المؤمنون الآية 1‏)‏ فقال وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل‏.‏

وأخرج البزار عن ابن عباس‏.‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الله خلق جنة عدن بيضاء‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول صلى الله عليه وسلم ‏"‏لقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري في الزهد وابن ماجه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏الشبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن أبي الدنيا عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرفت له ما بين خوافق السموات والأرض، ولو أن رجلا من أهل الجنه اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري عن أنس قال‏:‏ أصيب حارثة يوم بدر فجاءت أمه فقالت‏:‏ يا رسول الله قد علمت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة صبرت، وإن يكن غير ذلك ترى ما أصنع‏؟‏ فقال ‏"‏إنها ليست بجنة واحدة، إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من خاف ادلج، ومن ادلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم عن أبي كعب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من خاف ادلج، ومن ادلج بلغ المنزل‏.‏ إلا إن سلعة الله غالية، إلا أن سلعة الله الجنة، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال‏:‏ والذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم إن أهل الجنة ليزدادون حسنا وجمالا كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرما‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏تجري من تحتها الأنهار‏}‏‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أنهار الجنة تفجر من تحت جبال مسك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان في التفسير والبيهقي في البعث وصحه عن ابن مسعود قال‏:‏ إن أنهار الجنة تفجر من جبل مسك‏.‏

وأخرج أحمد مسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏سيحان وجيحان، والفرات، والنيل، كل من أنهار الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال‏:‏ إن في الجنة نهرا يقال له البيدخ، عليه قباب من ياقوت، تحته جوار نابتات يقول‏:‏ أهل الجنة انطلقوا بنا إلى البيدخ، فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري، فإذا أعجب رجل منهم بجارية مس معصمها، فتبعته وتنبت مكانها أخرى‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والنسائي وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل والضياء المقدسي في صفة الجنة وصححه عن أنس قال ‏"‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة، فجاءت إمراءة فقالت‏:‏ يا رسول الله رأيت في المنام كأني أخرجت فأدخلت الجنة، فسمعت وجبة التجت لها الجنة، فإذا أنا بفلان وفلان حتى عدت اثني عشر رجلا، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك، فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم فقيل‏:‏ اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ، فغمسوا فيه، فخرجوا وحوهم كالقمر ليلة البدر، وأتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها، وجيء بصحفة من ذهب فيها بسرة، فأكلوا من بسره ما شاؤا، فما يقبلونها لوجهة إلا أكلوا من فاكهة ما شاؤا، فجاء البشير فقال‏:‏ يا رسول الله كان كذا وكذا‏.‏‏.‏‏.‏ وأصيب فلان وفلان، حتى عد اثني عشر رجلا فقال‏:‏ علي بالمرأة فجاءت فقال‏:‏ قصي رؤياك على هذا فقال الرجل‏:‏ هو كما قالت أصيب فلان وفلان‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في البعث عن أبي هريرة قال‏:‏ إن في الجنة نهرا طول الجنة، حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات، يسمعها الخلائق حتى ما يرون أن في الجنة لذة مثلها‏.‏ قلنا‏:‏ يا أبا هريرة وما ذاك الغناء‏؟‏ قال‏:‏ إن شاء الله التسبيح، والتحميد، والتقديس، وثناء على الرب‏.‏

وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والدارقطني في المديح عن المعتمر بن سليمان قال‏:‏ إن في الجنة نهرا ينبت الحواري الأبكار‏.‏

وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس مرفوعا‏"‏في الجنة نهر يقال له الريان، عليه مدينة من مرجان، لها سبعون ألف باب من ذهب وفضة، لحامل القرآن‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن مسروق قال‏:‏ أنهار الجنة تجري في غير أخدود، ونخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها‏.‏ وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، والعنقود اثنا عشر ذراعا‏.‏

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنة عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض لا‏.‏‏.‏‏.‏ والله إنها لسائحة على وجه الأرض، افتاه خيام اللؤلؤ، وطينها المسك الأذفر‏.‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ما الأذفر‏؟‏ قال‏:‏ الذي لا خلط معه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه والضياء عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن أنهار الجنة تشخب من جنة عدن في حوبة ثم تصدع بعد أنهارا‏"‏‏.‏

وأما قوله تعالى ‏{‏كلما رزقوا منها‏}‏ الآية

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ‏{‏كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا‏}‏ قال‏:‏ أتوا بالثمره في الجنة فينظروا إليها فقالوا ‏{‏هذا الذي رزقنا من من قبل‏}‏ في الدنيا، وأتوا به متشابها اللون، والمرأى وليس يشبه الطعم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن علي بن زيد ‏{‏كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل‏}‏ يعني به ما رزقوا به من فاكهة الدنيا قبل الجنة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد عن قتادة في قوله ‏{‏هذا الذي رزقنا من قبل‏}‏ أي في الدنيا ‏{‏وأتوا به متشابها‏}‏ قال‏:‏ يشبه ثمار الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب‏.‏

وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال‏:‏ ليس في الدنيا مما في الجنة شيءإلا الأسماء‏.‏

وأخرج الديلمي عن عمر‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ في طعام العرس مثقال من ريح الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله ‏{‏هذا الذي رزقنا من قبل‏}‏ قال‏:‏ قولهم من قبل معناه‏.‏ مثل الذي كان بالأمس‏.‏

وأخرج ابن جرير عن يحيى بن كثير قال‏:‏ يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول‏:‏ هذا الذي أتينا به من قبل فيقول الملك‏:‏ كل اللون واحد والطعم مختلف‏.‏

وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏وأتوا به متشابها‏}‏ قال‏:‏ متشابها في اللون مختلفا في الطعم‏.‏ مثل الخيار من القثاء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏وأتوا به متشابها‏}‏ قال‏:‏ خيارا كله لا رذل فيه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله ‏{‏أتوا به متشابها‏}‏ قال‏:‏ خيار كله يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه‏.‏ ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه‏.‏

وأخرج البزار والطبراني عن ثوبان‏.‏ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏لاينزع رجل من أهل الجنة من ثمره إلا أعيد في مكانها مثلاها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن حيوة عن خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان قال‏:‏ بينا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان، وقسيسين، وأساقفة، فسلمت فردوا السلام فقلت‏:‏ أين تريدون‏؟‏ فقالوا‏:‏ نريد راهبا في هذا الدير، نأتيه في كل عام، فيخبرنا بما يكون في ذلك العام لمثله من قابل فقلت‏:‏ لآتين هذا الراهب فلأنظرن ما عنده - وكنت معنيا بالكتب - فأتيته وهوعلى باب ديره، فسلمت فرد السلام ثم قال‏:‏ ممن أنت‏؟‏ فقلت‏:‏ من المسلمين قال‏:‏ أمن أمة محمد‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم‏.‏ فقال‏:‏ من علمائهم أنت أم من جهالهم‏؟‏ قلت‏:‏ ما أنا من علمائهم، ولا من جهالهم قال‏:‏ فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها، وتشربون من شرابها، ولا تبولوا ولا تتغوطون قلت‏:‏ نحن نقول ذلك وهو كذلك قال‏:‏ فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني ماهو‏؟‏ قلت‏:‏ مثله كمثل الجنين في بطن أمه إنه يأتيه رزق الله ولا يبول، ولا يتغوط‏.‏ قال‏:‏ فتربد وجهه ثم قال لي‏:‏ أما أخبرتني أنك لست من علمائهم‏!‏ قلت‏:‏ ما كذبتك قال‏:‏ فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها، وتشربون من شرابها، ولا ينقص ذلك منها شيئا قلت‏:‏ نحن نقول ذلك وهو كذلك قال‏:‏ فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو‏؟‏ قلت‏:‏ مثله في الدنيا كمثل الحكمة، لو تعلم منها الخلق أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئا، فتربد وجهه ثم قال‏:‏ أما أخبرتني أنك لست من علمائهم‏!‏ قلت‏:‏ وما كذبتك ما أنا من علمائهم، ولا من جهالهم‏.‏

وأخرج الحاكم وابن مردويه وصححه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏ولهم فيها أزواج مطهرة‏}‏ قال‏:‏ من الحيض، والغائط، والنخامة، والبزاق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏ولهم فيها أزواج مطهرة‏}‏ قال‏:‏ من القذر، والأذى‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ‏{‏ولهم فيها أزواج مطهرة‏}‏ قال‏:‏ لا يحضن، ولا يحدثن، ولا يتنخمن‏.‏

وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏ولهم فيها أزواج مطهرة‏}‏ قال‏:‏ من الحيض، والغائط، والبول، والمخاط، والنخامة، والبزاق، والمني، والولد‏.‏

وأخرج وكيع وهناد عن عطاء في قوله ‏{‏ولهم فيها أزواج مطهرة‏}‏ قال‏:‏ لا يحضن، ولا يمنين، ولا يلدن، ولا يتغوطن، ولا يبلن، ولا يبزقن‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏ولهم فيها أزواج مطهرة‏}‏ قال‏:‏ طهرهن الله من كل بول، وغائط، وقذر، ومآثم‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ قوله تعالى‏:‏ وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يتمخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم من الألوة، ورضخهم المسك، ولكل واحد مهم زوجتان، يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن، لااختلاف بينهم، ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أول زمرة تدخل الجنة وجوههم كالقمر ليلة البدر‏.‏ والزمرة الثانية أحسن كوكب دري في السماء، لكل امرئ زوجتان، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقهن من وراء الحلل‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري‏.‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم، واثنتان وسبعون زوجة، ومنصب له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد، كما بين الجابية وصنعاء‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيقهي في النعت عن أبي هريرة أنهم تذاكروا الرجال أكثر في الجنة أم النساء‏؟‏ فقال‏:‏ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما في الجنة أحد إلا له زوجتان‏.‏ إنه ليرى مخ ساقهما من وراء سبعين حلة، ما فيها عزب‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وصححه والبزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يزوج العبد في الجنة سبعين زوجة فقيل‏:‏ يا رسول الله يطيقها قال‏:‏ يعطى قوة مائة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن السكن في المعرفة وابن عساكر في تاريخه عن حاطب بن أبي بلتعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏يزوج المؤمن في الجنة اثنتين وسبعين زوجة من نساء الآخرة، واثنتين من نساء الدنيا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن ماجه وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة الباهلي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه اثنتين وسبعين زوجة‏.‏ اثنتين من الحور العين، وسبعين من ميراثه من أهل الجنة، ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي، وله ذكر لا ينثني‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن أدنى أهل الجنة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة، وفوقه السابعة، وإن له لثلثمائة خادم، ويغدى عليه كل يوم ويراح بثلثمائة صحفة من ذهب، في كل صحفة لون ليس في الأخرى، وأنه ليلذ أوله كما يلذ آخره، وأنه ليقول‏:‏ يا رب لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء، وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة، وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدتها قدر ميل من الأرض‏.‏

وأخرج البيهقي في البعث عن أبي عبد الله بن أبي أوفى قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏يزوج كل رجل من أهل الجنة بأربعة آلاف بكر، وثمانية آلاف أيم، ومائة حوراء‏.‏ فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات حسان لم يسمع الخلائق بمثلهن‏:‏ نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلانبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن، طوبى لمن كان لنا وكنا له‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري عن أنس‏.‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها على رأسها - يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس‏.‏ لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر كانت تلك الأبحر أحلى من العسل‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب‏.‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت الأرض ريح مسك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري عن كعب قال‏:‏ لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت كفها لأضاء ما بين السماء والأرض‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري في الزهد والنسائي وعبد بن حميد في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم قال‏:‏ جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون‏؟‏ فقال‏:‏ والذي نفسي بيده إن الرجل ليؤتى قوة مائة رجل منكم‏.‏ في الأكل، والشرب، والجماع، والشهوة، قال‏:‏ فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة، والجنة طاهرة ليس فيها قذر ولا أذى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ حاجتهم عرق يفيض مثل ريح مسك، فإذا كان ذلك ضمر له بطنه‏"‏‏.‏

وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة‏"‏إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تتناكح أهل الجنة‏؟‏ فقال‏:‏ دحاما دحاما‏.‏‏.‏‏.‏ لا مني ولا منية ‏,‏‏.‏

وأخرج البزار والطبراني والخطيب والبغدادي في تاريخه عن أبي هريرة قال ‏"‏قيل يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة‏؟‏ فقال‏:‏ إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء‏"‏‏.‏

وأخرج أبو يعلى والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال ‏"‏قيل يا رسول الله أنفضي إلى نسائنا في الجنة كما نفضي إليهن في الدنيا‏؟‏ قال‏:‏ والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال ‏"‏سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم تتناك أهل الجنة‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏.‏ بفرج لا يمل، وذكر لا ينثني، وشهوة لا تنقطع، دحما دحما‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة قال ‏"‏سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تمس أهل الجنة أزواجهم‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ بذكر لا يمل، وفرج لا يحفى، وشهوة لا تنقطع‏"‏‏.‏

وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن أبي حاتم عن سليم بن عامر والهيثم الطائي ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البضع في الجنة قال‏:‏ نعم بقبل شهي، وذكر لا يمل، وإن الرجل ليتكئ فيها المتكأ مقدار أربعين سنة، لا يتحول عنه، ولا يمله، يأتيه فيه ما اشتهت نفسه، ولذت عينه‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في البعث وابن عساكر في تاريخه عن خارجة العذري قال‏:‏ سمعت رجلا بتبوك قال ‏"‏يا رسول الله أيباضع أهل الجنة‏؟‏ قال‏:‏ يعطى الرجل منهم من القوة في اليوم الواحد أفضل من سبعين منكم‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم‏.‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال‏:‏ ليس في الجنة مني ولا منية، إنما يدحمونهن دحما‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال‏:‏ أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن، ليس فيها مني ولا منية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي قال‏:‏ في الجنة جماع ما شئت، ولا ولد قال‏:‏ فيلتفت فينظر النظرة فتنشأ له الشهوة، ثم ينظر النظرة فتنشأ له شهوة أخرى‏.‏

وأخرج الضياء المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أنه سئل أنطأ في الجنة‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ والذي نفسي بيده دحما دحما‏.‏‏.‏‏.‏ فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا‏"‏‏.‏

وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وأحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن المنذر عن عبد الله ابن عمرو قال‏:‏ إن المؤمن كلما أراد زوجته وجدها بكرا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال‏:‏ طول الرجل من أهل الجنة تسعون ميلا‏.‏ وطول المرأة ثلاثون ميلا‏.‏ ومقعدتها جريب، وإن شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما تجد اللذة‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن أبي داود في البعث عن معاذ ابن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين‏:‏ قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهم فيها خالدون‏}

أخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وهم فيها خالدون‏}‏ أي خالدون أبدا‏.‏ يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله لا انقطاع له‏.‏

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏وهم فيها خالدون‏}‏ يعني لا يموتون‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل وهم فيها خالدون‏؟‏ قال‏:‏ ماكثون لا يخرجون منها أبدا قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول عدي بن زيد‏:‏

فهل من خالد إما هلكنا* وهل بالموت يا للناس عار

وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار‏.‏ ثم يقول مؤذن بينهم‏:‏ يا أهل النار لا موت، ويا أهل الجنة لا موت، كل خالد فيما هو فيه‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏يقال لأهل الجنة خلود ولا موت، ولأهل النار خلود ولا موت‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن ماجه والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏يؤتى بالموت في هيئة كبش أملح، فيوقف على الصراط فيقال‏:‏ يا أهل الجنة‏.‏ فيطلعون خائفين وجلين مخافة أن يخرجوا مما هم فيه فيقال‏:‏ تعرفون هذا‏؟‏ فيقولون‏:‏ نعم هذا الموت فيقال‏:‏ يا أهل النار‏.‏ فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا مما هم فيه‏.‏ فيقال‏:‏ أتعرفون هذا‏؟‏ فيقولون‏:‏ نعم‏.‏ هذا الموت‏.‏ فيؤمر به، فيذبح على الصراط، فيقال للفريقين‏:‏ خلود فيما تجدون، لا موت فيها أبدا‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فلما قدم عليهم قال‏:‏ يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم إن المرد إلى الله، إلى جنة أو نار، خلود بلا موت، وإقامة بلا ظعن، وأجساد لا تموت‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لو قيل لأهل النار ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا لفرحوا بها، ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا، ولكن جعل لهم الأبد‏"‏‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعرفون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين * الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا‏:‏ لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين قوله ‏{‏كمثل الذي استوقد نارا‏}‏ وقوله ‏{‏أو كصيب من السماء‏}‏ قال المنافقون‏:‏ الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال‏.‏ فأنزل الله ‏{‏إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا‏}‏ إلى قوله ‏{‏أولئك هم الخاسرون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الغني الثقفي في تفسيره والواحدي عن الن عباس قال‏:‏ إن الله ذكر آلهة المشركين فقال ‏(‏وإن يسلبهم الذباب شيئا‏)‏ وذكر كيد الآلهة كبيت العنكبوت فقالوا‏:‏ أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد‏.‏ أي شيء كان يصنع بهذا‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركون‏:‏ ما بال العتكبوت والذباب يذكران‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال‏:‏ لما أنزلت ‏(‏يا أيها الناس ضرب مثل‏)‏ قال المشركون‏:‏ ما هذا من الأمثال فيضرب، أو ما يشبه هذا الأمثال‏.‏ فأنزل الله ‏{‏إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها‏}‏

لم يرد البعوضة إنما أراد المثل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال‏:‏ ‏{‏البعوضة‏}‏ أضعف ما خلق الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والديلمي عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏يا أيها الناس لا تغتروا بالله، فإن الله لو كان مغفلا شيئا لأغفل البعوضة، والذرة، والخردلة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق‏}‏ قال‏:‏ يؤمن به المؤمنون، ويعلمون أنه الحق من ربهم، ويهديهم الله به، ويعرفه الفاسون فيكفرون به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ‏{‏يضل به كثيرا‏}‏ يعني المنافقين ‏{‏ويهدي به كثيرا‏}‏ يعني المؤمنين ‏{‏وما يضل به إلا الفاسقين‏}‏ قال‏:‏ هم المنافقون‏.‏ وفي قوله ‏{‏الذين ينقضون عهد الله‏}‏ فأقروا به، ثم كفروا فنقضوه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وما يضل به إلا الفاسقين‏}‏ يقول‏:‏ يعرفه الكافرون فيكفرون به‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ‏{‏وما يضل به إلا الفاسقين‏}‏ يقول‏:‏ فسقوا فأضلم الله بفسقهم‏.‏

وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ الحرورية هم ‏{‏الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه‏}‏ قال‏:‏ إياكم ونقض هذا الميثاق‏.‏ وكان يسميهم الفاسقين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ‏{‏الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه‏}‏ قال‏:‏ إياكم ونقض هذا الميثاق، فإن الله قد كره نقضه، وأوعد فيه، وقدم فيه في آي من القرآن تقدمة، ونصيحة، وموعظة، وحجة‏.‏ ما نعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق‏.‏ فمن أعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليوف به‏.‏

وأخرج أحمد والبزار وابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال ‏"‏خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏ألا لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني في الكبير من حديث عبادة بن الصامت وأبي أمامة‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏حسن العهد من الإيمان‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل‏}‏ قال‏:‏ الرحم والقرابة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏ويفسدون في الأرض‏}‏ قال‏:‏ يعملون فيها بالمعصية‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مقاتل في قوله تعالى ‏{‏أولئك هم الخاسرون‏}‏ يقول هم أهل النار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم‏.‏ مثل خاسر، ومسرف، وظالم، وفاسق، فإنما يعني به الكفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذنب‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون

أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ‏{‏وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم‏}‏ قال‏:‏ لم تكونوا شيئا فخلفكم ‏{‏ثم يميتكم ثم يحييكم‏}‏ يوم القيامه‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله ‏{‏وكنتم أمواتا‏}‏ في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئا حتى خلقكم، ثم يميتكم موتة الحق، ثم يحييكم حياة الحق حين يبعثكم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال‏:‏ كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله فأخرجهم، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة‏.‏ فهما حياتان وموتتان‏.‏

وأخرج وكيع وابن جرير عن أبي صالح في الآية قال ‏{‏يميتكم ثم يحييكم‏}‏ في القبر ثم يميتكم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال‏:‏ لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق، ثم يحييكم وقوله ‏(‏ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين‏)‏ مثلها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية يقول‏:‏ لم يكونوا شيئا، ثم أماتهم، ثم أحياهم، ثم يوم القيامة يرجعون إليه بعد الحياة‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا‏}‏ قال‏:‏ سخر لكم ما في الأرض جميعا كرامة من الله، ونعمة لإبن آدم‏.‏ متاعا، وبلغة، ومنفعة إلى أجل‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله ‏{‏هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا‏}‏ قال‏:‏ سخر لكم ما في الأرض جميعا ‏{‏ثم استوى إلى السماء‏}‏ قال‏:‏ خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض ثار منها دخان، فذلك قوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات‏}‏ يقول‏:‏ خلق سبع سموات بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين بعضهن تحت بعض‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏قوله تعالى‏:‏ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات‏}‏ قال‏:‏ إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء، فلما أراد أن يخلق أخرج من الماء دخانا، فارتفع فوق الماء، فسما سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضا فتقها واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين‏.‏ في الأحد، والاثنين، فخلق الأرض على حوت وهو الذي ذكره في قوله ‏(‏ن، والقلم‏)‏ والحوت في الماء، والماء على ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على صخرة، والصخرة في الريح، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان‏.‏ ليست في السماء ولا في الأرض، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض، فأرسى عليها الجبال، فالجبال تفخر على الأرض‏.‏ فذلك قوله ‏(‏وجعل لها رواسي أن تميد بكم‏)‏ وخلق الجبال فيها، وأقوات أهلها، وشجرها، وما ينبغي لها في يومين‏:‏ في الثلاثاء، والأربعاء، وذلك قوله ‏(‏إنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض‏)‏ إلى قوله ‏(‏وبارك فيها‏)‏ يقول‏:‏ أنبت شجرها، وقدر فيها أقواتها، يقول لأهلها ‏(‏في أربعة أيام سواء للسائلين‏)‏ يقول‏:‏ من سأل فهكذا الأمر ‏{‏ثم استوى إلى السماء وهي دخان‏}‏ وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تتنفس، ثم جعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين‏:‏ في الخميس، والجمعة، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض ‏(‏وأوحى في كل سماء أمرها‏)‏ قال‏:‏ خلق في كل سماء خلقها‏.‏ من الملائكة، والخلق الذي فيها، من البحار، وجبال، البرد، ومما لا يعلم‏.‏ ثم زين السماء بالكواكب، فجعلها زينة وحفظا من الشياطين، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش‏.‏

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء‏}‏ يعني خلق سبع سموات قال‏:‏ أجرى النار على الماء، فبخر البحر، فصعد في الهواء، فجعل السموات منها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي العالية في قوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء‏}‏ قال‏:‏ ارتفع‏.‏ وفي قوله ‏{‏فسواهن‏}‏ قال‏:‏ سوى خلقهن‏.‏

وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذا كان عرشه على الماء، وإذ لا أرض ولا سماء‏.‏ خلق الريح فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه، وأثار ركامه، فأخرج من الماء دخانا وطينا وزبدا، فأمر الدخان فعلا وسمل ونما، فخلق منه السموات، وخلق من الطين الأرضين، وخلق من الزبد الجبال‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ ومسلم والنسائي وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال ‏"‏أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فقال‏:‏ خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة، بعد العصر‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن أبي عاصم في السنة وأبو يعلى وابن خزيمة في التوحيد وابن أبي حاتم وأبو أحمد والحاكم في الكنى والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه واللالكائي في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن العباس بن عبد المطلب قال ‏"‏كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ هل تدرون كم بين السماء والأرض‏؟‏ قلنا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ بينهما مسيرة خمسمائة عام، ومن مسيرة سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام، وكثف كل سماء خمسمائة سنة، وفوق السماء السابعة بحر‏.‏ بين أعلاه وأسفله كما بين السماء وأرض، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال، بين وركهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه ما بين السماء والأرض، والله سبحانه وتعالى علمه فوق ذلك، وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء‏"‏‏.‏

وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده والبزار وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، كذلك إلى السماء السابعة‏.‏ والأرضون مثل ذلك، وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك، ولو حفرتم لصاحبكم ثم دليتموه لوجد الله ثمة يعني علمه‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال ‏"‏كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فقال‏:‏ أتدرون ما هذه‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم فقال‏:‏ هذه الغبابة، هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى بلد لا يعبدونه ولا يشكرونه‏.‏ هل تدرون ما فوق ذلك‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن فوق ذلك سماء‏.‏ هل تدرون ما فوق ذلك‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن فوق ذلك موجا مكفوفا وسقفا محفوظا‏.‏ هل تدروت ما فوق ذلك‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن فوق ذلك سماء‏.‏ هل تدرون ما فوق ذلك‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن فوق ذلك سماء أخرى‏.‏ هل تدرون كم ما بينهما‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام، ثم قال‏:‏ هل تدرون ما فوق ذلك‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن فوق ذلك العرش‏.‏ فهل تدرون كم بينهما‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ فإن بين ذلك كما بين السمائين، ثم قال‏:‏ هل تدرون ما هذه‏؟‏ هذه أرض‏.‏ هل تدرون ماتحتها‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏!‏ قال‏:‏ أرض أخرى وبينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام‏"‏‏.‏وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال‏:‏ بين السماء والأرض خمسمائة عام، وما بين كل سماءين خمسمائة عام، ومصير كل سماء - يعني غلظ ذلك - مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام‏.‏ والعرش على الماء، والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه‏.‏

وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه نظر إلى السماء فقال‏:‏ تبارك الله ما أشد بياضها، والثانية أشد بياضها منها، ثم كذلك حتى بلغ سبع سموات‏.‏ وخلق فوق السابعة الماء، وجعل فوق الماء العرش، وجعل فوق السماء الدنيا الشمس، والقمر، والنجوم، والرجوم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال ‏"‏قال رجل‏:‏ يا رسول الله ما هذه السماء‏؟‏ قال‏:‏ هذه موج مكفوف عنكم‏"‏‏.‏

وأخرج اسحق بن راهويه في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال‏:‏ السماء الدنيا موج مكفوف، والثانية مرمرة بيضاء، والثالثة حديد، والرابعة نحاس، والخامسة فضة، والسادسة ذهب، والسابعة ياقوتة حمراء، وما فوق ذلك صحارى من نور، ولا يعلم ما فوق ذلك إلا الله، وملك موكل بالحجب يقال له ميطاطروش‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سلمان الفارسي قال‏:‏ السماء الدنيا من زمردة خضراء واسمها رقيعاء، والثانية من فضة بيضاء واسمها أزقلون، والثالثة من ياقوتة حمراء واسمها قيدوم، والرابعة من درة بيضاء واسمها ماعونا، والخامسة من ذهبة حمراء واسمها ريقا، والسادسة من ياقوتة صفراء واسمها دقناء، والسابعة من نور واسمها عريبا‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ اسم السماء الدنيا رقيع، واسم السابعة الصراخ‏.‏

وأخرج عثمان ابن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية وابن المنذر عن ابن عباس قال‏:‏ سيد السموات السماء التي فيها العرش، وسيد الأرضين الأرض التي أنتم عليها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال‏:‏ كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن السماء من أي شيء هي‏؟‏ فكتب إليه‏:‏ إن السماء من موج مكفوف‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن حبة العوفي قال‏:‏ سمعت عليا ذات يوم يحلف، والذي خلق السماء من دخان وماء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال‏:‏ السماء أشد بياضا من اللبن‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال‏:‏ تحت الأرضين صخرة، بلغنا أن تلك الصخرة منها خضرة السماء‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال‏:‏ تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور‏.‏ وهو فوق ذلك‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏فسواهن سبع سموات‏}‏ قال‏:‏ بعضهن فوق بعض، بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو بكل شيء عليم‏}

أخرج ابن الضريس عن ابن مسعود قال‏:‏ أن أعدل آية في القرآن آخرها اسم من أسماء الله تعالى‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال‏:‏ ما كان في القرآن ‏{‏إذ‏}‏ فقد كان‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ‏{‏إني جاعل‏}‏ قال‏:‏ فاعل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال‏:‏ كل شيء في القران ‏{‏جعل‏}‏ فهو خلق‏.‏

وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ إن الله أخرج آدم من الجنه قبل أن يخلقه ثم قرأ ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها قال الله ‏{‏وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏}‏ وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان، ففسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء‏.‏ فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة، فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور، فلما قال الله ‏{‏وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏}‏ كما فعل أولئك الجان فقال الله ‏{‏إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، وكان اسمه الحارث، فكان خازنا من خزان الجنة، وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي، وخلقت الجن من مارج من نار‏.‏ وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت، فأول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، وقتلوا بعضهم بعضا، فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة فقتلهم حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، فلما فعل إبليس ذلك اغتر بنفسه وقال‏:‏ قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد، فاطلع الله على ذلك من قلبه ولم يطلع عليه الملائكة‏.‏ فقال الله للملائكة ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏ فقالت الملائكه ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏}‏ كما أفسدت الجن قال ‏{‏إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏ يقول‏:‏ إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره‏.‏

ثم أمر بتربة آدم فرفعت، فخلق الله آدم عليه السلام من طين ‏(‏لازب‏)‏ واللازب اللزج الطيب من ‏(‏حمأ مسنون‏)‏ منتن، وإنما كان حمأمسنون بعد التراب، فخلق منه آدم بيده، فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى، فكان إبليس يأتيه يضربه برجله، فيصلصل فيصوت ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره، ويدخل من دبره ويخرج من فيه، ثم يقول‏:‏ لست شيئا‏.‏ ولشيء ما خلقت‏!‏ ولئن سلطت عليك لأهلنك، ولئن سلطت على لأعصينك‏.‏ فلما نفخ الله فيه

من روحه أتت النفخة من قبل رأسه، فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما، فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من جسده، فذهب لينهض فلم يقدر‏.‏ فهو قول الله ‏(‏خلق الإنسان من عجل‏)‏‏.‏

فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال ‏(‏الحمد لله رب العالمين‏)‏ بإلهام من الله فقال الله له‏"‏يرحمك الله يا آدم‏"‏، ثم قال للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات‏:‏ ‏(‏اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر‏)‏ لما حدث في نفسه من الكبر فقال‏:‏ لا أسجد له، وأنا خير منه، وأكبر سنا، وأقوى خلقا، فأبلسه الله وآيسه من الخير كله، وجعله شيطانا رجيما‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي العالية قال‏:‏ إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يون الجمعة، فكفر قوم من الجن‏.‏ فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء، وكان الفساد في الأرض‏.‏ فمن ثم قالوا ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ لما خلق الله النار ذعرت منها الملائكة ذعرا شديدا وقالوا‏:‏ ربنا لم خلقت هذه‏؟‏ قال‏:‏ لمن عصاني من خلقي - ولم يكن لله خلق يمئذ إلا الملائكة - قالوا‏:‏ يا رب ويأتي دهر نعصيك فيه‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا، وأجعل فيها خليفة يسفكون الدماء، ويفسدون في الأرض قالوا ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها‏}‏ فاجعلنا نحن فيها ‏{‏ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة‏.‏ لما فرغ الله من خلق ما أحب، استوى على العرش فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا‏.‏ وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن، وإنما سموا الجن لأنهم خزائن الجنه، وكان إبليس مع ملكه خازنا، فوقع في صدره كبر وقال‏:‏ ما أعطاني الله هذا إلا لمزيد أو لمزية لي، فاطلع الله على ذلك منه فقال للملائكو ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏ قالوا ربنا ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏.‏‏.‏‏.‏ قال إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإذ قال ربك للملائكة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ إن الله قال للملائكة‏:‏ إني خالق بشرا، وإنهم متحاسدون فيقتل بعضهم بعضا ويفسدون في الأرض‏.‏ فلذلك قالوا ‏{‏أتجعل من يفسد فيها‏}‏ قال‏:‏ وكان إبليس أميرا على ملائكة سماء الدنيا، فاستكبر وهم بالمعصية وطغى، فعلم الله ذلك منه‏.‏ فذلك قوله ‏{‏إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏ وإن في نفس إبليس بغيا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏}‏ قال‏:‏ قد علمت الملائكة وعلم الله أنه لا شيء أكره عند الله من سفك الدماء والفساد في الأرض‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن بطة في أماليه عن ابن عباس قال‏:‏ إياكم والرأي فإن الله تعالى رد الرأي على الملائكة، وذلك إن الله قال ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏ قالت الملائكة ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها‏.‏‏.‏‏.‏ قال إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن أنس قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن أول من لبى الملائكة قال الله ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏فزادوه فأعرض عنهم، فطافوا بالعرش ست سنين يقولون‏:‏ لبيك لبيك اعتذارا إليك، لبيك لبيك نستغفرك ونتوب إليك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن سابط ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ دحيت الأرض من مكة، وكانت الملائكة تطوف بالبيت فهي أول من طاف به، وهي الأرض التي قال الله ‏{‏إني جاعل في الأرض خليفة‏}‏ وكان النبي إذا هلك قومه نجا هو والصالحون أتاها هو ومن معه، فيعبدون الله بها حتى يموتوا فيها، وإن قبر نوح، وهود، وشعيب، وصالح، بين زمزم وبين الركن والمقام‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك‏}‏ قال ‏{‏التسبيح‏}‏ التسبيح و ‏{‏التقديس‏}‏ الصلاة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي ذر ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أحب الكلام إلى الله ما اصطفاه الله لملائكته‏.‏ سبحان ربي وبحمده - وفي لفظ - سبحان الله وبحمده‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير ‏"‏أن عمر بن الخطاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الملائكة، فلم يرد عليه شيئا‏.‏ فأتاه جبريل فقال‏:‏ إن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة، يقولون‏:‏ سبحان ذي الملك والملكوت، وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة، يقولون‏:‏ سبحان ذي العزة والجبروت، وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة، يقولون‏:‏ سبحان الحي الذي لا يموت‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ‏{‏ونقدس لك‏}‏ قال‏:‏ نصلي لك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال ‏{‏التقديس‏}‏ التطهير‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏ونقدس لك‏}‏ قال‏:‏ نعظمك ونكبرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله ‏{‏ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك‏}‏ قال‏:‏ نعظمك ونمجدك‏.‏

وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير في قوله ‏{‏إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏ قال‏.‏ علم من إبليس وخلقه لها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏ قال‏:‏ كان في علم الله أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء، ورسل، وقوم صالحون، وساكنو الجنة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الأمل عن الحسن قال‏:‏ لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة‏:‏ ربنا إن الأرض لم تسعهم قال‏:‏ إني جاعل موتا قالوا‏:‏ إذا لا يهنأ لهم العيش قال‏:‏ إني جاعل أملا‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمر ‏"‏أنه سمع رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول‏:‏ إن آدم لما أهبطه إلى الأرض قالت الملائكة‏:‏ أي رب ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون‏}‏ قالوا‏:‏ ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله للملائكة‏:‏ هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان‏؟‏ فقالوا‏:‏ ربنا هاروت وماروت‏.‏‏.‏‏.‏ قال فاهبطا إلى الأرض، فتمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت‏:‏ لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك قالا‏:‏ والله لا نشرك بالله أبدا‏.‏ فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله، فسألاها نفسها فقالت‏:‏ لا والله حتى تقتلا هذا الصبي قالا‏:‏ لا والله لا نقتله أبدا‏.‏ فذهبت ثم رجعت بقدح من خمر، فسألاها نفسها فقالت‏:‏ لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها، وقتلا الصبي‏.‏ فلما أفاقا قالت المرأة‏:‏ والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي قد فعلتماه حين سكرتما‏.‏ فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد في طبقاته وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والحكيم في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض‏.‏ جاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال‏:‏ خلقت الكعبة قبل الأرض بألفي سنة قالوا كيف خلقت قبل وهي من الأرض‏؟‏ قال‏:‏ كانت حشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الليل والنهار ألفي سنة، فلما أراد الله أن يخلق الأرض دحاها منها فجعلها في وسط الأرض، فلما أراد الله أن يخلق آدم بعث ملكا من حملة العرش يأتي بتراب من الأرض، فلما هوى ليأخذ قالت الأرض‏:‏ أسألك بالذي أرسلك أن لا تأخذ مني اليوم شيئا يكون منه للنار نصيب غدا، فتركها فلما رجع إلى ربه قال‏:‏ ما منعك أن تأتي بما أمرتك‏؟‏ قال‏:‏ سألتني بك فعظمت أن أرد شيئا سألني بك، فأرسل ملكا آخر فقال‏:‏ مثل ذلك حتى أرسلهم كلهم، فأرسل ملك الموت فقالت له‏:‏ مثل ذلك قال‏:‏ إن الذي أرسلني أحق بالطاعة منك‏.‏ فأخذ من وجه الأرض كلها‏.‏ من طيبها، وخبيثها، حتى كانت قبضة عند موضع الكعبة، فجاء به إلى ربه فصب عليه من ماء الجنة، فجاءحمأ مسنونا، فخلق منه آدم بيده، ثم مسح على ظهره فقال‏:‏ تبارك الله أحسن الخالقين، فتركه أربعين ليلة لا ينفخ فيه الروح، ثم نفخ فيه الروح، فجرى فيه الروح من رأسه إلى صدره، فأراد أن يثب‏.‏ فتلا أبو هريرة ‏(‏خلق الإنسان من عجل‏)‏‏.‏

فلما جرى فيه الروح قعد جالسا فعطس، فقال الله‏:‏ قل الحمد لله‏.‏ فقال‏:‏ الحمد لله فقال‏:‏ رحمك ربك، ثم قال‏:‏ انطلق إلى هؤلاء الملائكة فسلم عليهم فقال‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقالوا‏:‏ وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فقال‏:‏ هذه تحيتك وتحية ذريتك‏.‏

يا آدم‏.‏ أي مكان أحب إليك أن أريك ذريتك فيه‏؟‏ فقال‏:‏ بيمين ربي وكلتا يدي ربي يمين‏.‏ فبسط يمينه فأراه فيها ذريته كلهم وما هو خالق إلى يوم القيامة‏.‏ الصحيح على هيئته، والمبتلى على هيئته، والأنبياء على هيئتهم‏.‏ فقال‏:‏ أي رب ألا عافيهتم كلهم‏؟‏ فقال‏:‏ إني أحببت أن أشكر فرأى فيها رجلا ساطعا نوره فقال‏:‏ أي رب من هذا‏؟‏ فقال‏:‏ هذا ابنك داود فقال‏:‏ كم عمره‏؟‏ قال‏:‏ ستون سنة قال‏:‏ كم عمري‏؟‏ قال‏:‏ ألف سنة قال‏:‏ انقص من عمري أربعين سنة فزدها في عمره، ثم رأى آخر ساطعا نوره ليس مع أحد من الأنبياء مثل ما معه فقال‏:‏ أي رب من هذا‏؟‏ قال‏:‏ هذا ابنك محمد، وهو أول من يدخل الجنة فقال آدم‏:‏ الحمد لله الذي جعل من ذريتي من يسبقني إلى الجنة ولا أحسده‏.‏ فلما مضى لآدم ألف سنة إلا أربعين جاءته الملائكة تتوفاه عيانا قال‏:‏ ما تريدون‏؟‏ قالوا‏:‏ أردنا أن نتوفاك قال‏:‏ بقي من أجلي أربعون‏!‏ قالوا‏:‏ أليس قد أعطيتها ابنك داود‏؟‏ قال‏:‏ ما أعطيت أحدا شيئا‏.‏ قال أبو هريرة‏:‏ جحد آدم، وجحدت ذريته، ونسي، ونسيت ذريته‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ قوله تعالى‏:‏ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن ابن مسعود ونا س من الصحابة قالوا‏:‏ بعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض‏:‏ أعوذ منك أن تنقص مني، فرجع ولم يأخذ شيئا وقال‏:‏ يا رب إنها أعاذت بك فأعذتها‏.‏ فبعث الله ميكائيل كذلك‏.‏ فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال‏:‏ وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء، وبيضاء، وسوداء - فذلك خرج بنو آدم مختلفين - فصعد به، فبل التراب حتى صار طينا ‏(‏لا زبا‏)‏ واللازب‏:‏ هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة‏:‏ إني خالق بشرا من طين، فخلقه الله بيده لئلا يتكبر عليه إبليس، فخلقه بشرا سويا، فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت به الملائكة، ففزعوا منه لما رأوه، وكان أشدهم منه فزعا إبليس، فكان يمر به فيضربه، فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصلة فيقول‏:‏ لأمر ما خلقت‏!‏ ويدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول للملائكة‏:‏ لا ترهبوا منه فإن ربكم صمد وهذا أجوف، لئن سلطت عليه لأهلكنه‏.‏

فلما بلغ الحين الذي يريد الله أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة‏:‏ إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل في رأسه عطس فقالت الملائكة‏:‏ الحمد لله فقال‏:‏ الحمد لله فقال الله له‏:‏ يرحمك ربك‏.‏ فلما دخلت الروح في عنقه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخلت إلى جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة‏.‏ وذلك قوله تعالى ‏(‏خلق الإنسان من عجل‏)‏‏.‏

وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال‏:‏ بعث رب العزة إبليس، فأخذ من أديم الأرض‏:‏ من عذبها، ومالحها، فخلق منها آدم‏.‏ فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى السعادة وإن كان ابن كافرين، وكل شيء خلقه من مالحها فهو صائر إلى الشقاء وإن كان أبن نبيين‏.‏ قال‏:‏ ومن ثم قال إبليس‏:‏ ‏(‏أأسجد لمن خلقت طينا‏)‏‏؟‏ إن هذه الطينة أنا جئت بها‏.‏ ومن ثم سمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض‏.‏

وأخرج ابن جرير عن علي قال‏:‏ إن آدم خلق من أديم الأرض‏.‏ فيه الطيب، والصالح، والرديء، فكل ذلك أنت راء في ولده‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي ذر‏"‏سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إن آدم خلق من ثلاث تربات‏:‏ سوداء، وبيضاء، وحمراء‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد في الطبقات وعبد بن حميد وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات وابن عساكر عن سعيد بن جبير قال‏:‏ خلق الله آدم من أرض يقال لها دحناء‏.‏

وأخرج الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا‏"‏الهوى، والبلاء، والشهوة، معجونة بطينة آدم عليه السلام‏"‏‏.‏

وأخرج الطيالسي وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو يعلى وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لما صور الله تعالى آدم في الجنة تركه ما شاء أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو، فلما رآه أجوف علم أنه خلق لا يتمالك‏.‏ ولفظ أبي الشيخ قال‏:‏ خلق لا يتمالك ظفرت به‏"‏‏.‏

وأخرج ابن حبان عن أنس ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لما نفخ الله في آدم الروح فبلغ الروح رأسه عطس فقال ‏(‏الحمد لله رب العالمين‏)‏ فقال له تبارك وتعالى‏:‏ يرحمك الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن حبان عن أبي هريرة قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لما خلق الله آدم عطس، فألهمه الله ربه أن قال‏:‏ الحمد لله قال له ربه‏:‏ يرحمك الله‏.‏ فلذلك سبقت رحمته غضبه‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ لما فرغ الله من خلق آدم وجرى فيه الروح عطس فقال‏:‏ الحمد لله فقال له ربه‏:‏ يرحمك الله‏.‏

وأخرج ابن سعد وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله خلق آدم من تراب، ثم جعله طينا، ثم تركه حتى إذا كا حمأ مسنونا خلقه وصوره، ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار، وجعل إبليس يمر به فيقول‏:‏ لقد خلقت لأمر عظيم، ثم نفخ الله فيه من روحه، فكأن أول شيء جرى فيه الروح بصره وخياشيمه، فعطس فلقنه الله حمد ربه فقال الرب‏:‏ يرحمك ربك‏.‏ ثم قال‏:‏ يا آدم اذهب إلى أولئك النفر فقل لهم وانظر ماذا يقولون‏؟‏ فجاء فسلم عليهم فقالوا‏:‏ وعليك السلام ورحمة الله، فجاء إلى ربه فقال‏:‏ ماذا قالوا لك وهو أعلم بما قالوا له‏؟‏ قال‏:‏ يا رب سلمت عليهم فقالوا وعليك السلام ورحمة الله قال‏:‏ يا آدم هذه تحيتك وتحية ذريتك، قال‏:‏ يا رب وما ذريتي‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ اختر يدي، قال‏:‏ أختار يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين‏.‏ فبسط الله كفه فإذا كل ماهو كائن من ذريته في كف الرحمن عز وجل‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا قال‏:‏ اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فاسمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك‏.‏ فذهب فقال‏:‏ السلام عليكم فقالوا‏:‏ السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله‏.‏ فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا، فلم تزل الخلق تنقص حتى الآن‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الكبير عن أبي هريرة قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا، جعادا مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين، وهم عبى خلق آدم طوله ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع‏"‏‏.‏

وأخرج مسلم وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة‏.‏ فيه خلق الله آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه مات، وفيه تيب عليه، وفيه تقوم الساعة‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي نضرة قال‏:‏ لما خلق الله آدم ألقى جسده في السماء لا روح فيه، فلما رأته الملائكة راعهم ما رأوه من خلقه، فأتاه إبليس فلما رأى خلقه منتصبا راعه، فدنا منه فنكته برجله، فصل آدم فقال‏:‏ هذا أجوف لا شيء عنده‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال‏:‏ خلق الله آدم في سماء الدنيا، وإنما أسجد له ملائكة سماء الدنيا ولم يسجد له ملائكة السموات‏.‏

وأخرج أبو الشيخ بسند صحيح عن ابن زيد يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الله لما أراد أن يخلق آدم بعث ملكا والأرض يومئذ وافرة فقال‏:‏ اقبض لي منها قبضة آتني بها أخلق منها خلقا قالت‏:‏ فإني أعوذ بأسماء الله أن تقبض اليوم مني قبضة يخلق خلقا يكون لجهنم منه نصيب، فعرج الملك ولم يقبض شيئا فقال له‏:‏ مالك‏.‏‏.‏‏؟‏ قال‏:‏ عاذت بأسمائك أن أقبض منها خلقا يكون لحهنم منه نصيب فلم أجد عليها نجازا، فبعث ملكا خر، فلما أتاها قالت له مثل ما قالت للأول، ثم بعث الثالث فقالت له مثل قالت لهما، فعرج ولم يقبض منها شيئا، فقال له الرب تعالى مثل ما قال للذين قبله‏.‏ ثم دعا إبليس - واسمه يومئذ في الملائكة حباب - فقال له‏:‏ اذهب فاقبض لي من الأرض قبضة، فذهب حتى أتاها، فقالت له مثل ما قالت للذين من قبله من الملائكة، فقبض منها قبضة ولم يسمع لحرجها، فلما أتاه قال الله تعالى‏:‏ ما أعاذت بأسمائي منك‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فما كان من أسمائي ما يعيذها منك‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ ولكن أمرتني فأطعتك فقال الله‏:‏ لأخلقن منها خلقا يسوء وجهك، فألقى الله تلك القبضة في نهر من أنهر الجنة حتى صارت طينا، فكان أول طين، ثم تركها حتى صارت حمأ مسنونا منتن الريح، ثم خلق منها آدم، ثم تركه في الجنة أربعين سنة حتى صار صلصللا كالفخار، يبس حتى كان كالفخار‏.‏ ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك، وأوحى الله إلى ملائكته‏:‏ إذا نفخت فيه من الروح فقعوا له ساجدين، وكان آدم مستلقيا في الجنة فجلس حين وجد مس الروح فعطس فقال الله له‏:‏ أحمد ربك فقال‏:‏ يرحمك ربك‏.‏ فمن هنالك يقال‏:‏ سبقت رحمته غضبه‏.‏ وسجدت الملائكة إلا هو قام فقال ‏(‏ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك أستكبرت أم كنت من العالين‏)‏ فأخبر الله أنه لا يستطيع أن يعلن على الله ما له يكيد على صاحبه فقال ‏(‏أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، قال‏:‏ فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها‏)‏ إلى قوله ‏(‏ولاتجد أكثرهم شاكرين‏)‏ وقال الله ‏(‏إن إبليس قد صدق عليهم ظنه‏)‏ وإنما كان ظنه أن لا يجد أكثرهم شاكرين‏"‏‏.‏